الطاسيلي آزجر في ما قبل التاريخ المعتقدات و الفن الصخري
الطاسيلي آزجر في ما قبل التاريخ المعتقدات و الفن الصخري
الطاسيلي آزجر في ما قبل التاريخ
المعتقدات و الفن الصخري
الخصائص العامة لمرحلة ذوي الرؤوس المستديرة
– مرحلة ذوي الرؤوس المستديرة: التصنيف والأساليب الفنية
إن أغلب الباحثين يصنفون الرسوم الجدارية إلى أربعة أطوار كالتالي:مرحلة الرؤوس
المستديرة مرحلة البقريات ، مرحلة الحصان والعربة ، و مرحلة الجمال ،أما النقوش
الصخرية فهي أربعة مراحل أيضا: الجاموس العتيق ، البقريات ، الحصان والعربة الجمل
، و نلاحظ أن التقسيم كان وفق معايير مختلفة منها ظهور أو اختفاء حيوانات معينة *،وقد
اعتمد هنري لوت على ذلك في تصنيفه لكنه اعترف لاحقا أن حيوانات مثل الجاموس العتيق قد
استمر وجودها في مرحلة الرؤوس المستديرة.
بالنسبة لمرحلة ذوي الرؤوس المستديرة فقد مثلتها مجموعة من الشعوب سكنت
منطقة التاسيلي في فترة ما قبل التاريخ ، وغالبا هذه الشعوب هي ذات أصول مختلفة أما
هذا الاسم الذي أصبحنا نعرفهم به فهو يعود إلى الشكل الفني الذي استخدموه في رسمهم
للشخصيات الإنسانية حيث تبدو برأس دائري وأول من أشار إلى هذه التسمية هو القس
بروي وقال عن هذه المشاهد أنها تمثل شعوب البقريات برأس في شكل قرص لكن هنري لوت
هو من سماهم باسم الرؤوس المستديرة بأنهم يمثلون الأشخاص برأس دائري وحسب
موزيليني فان رسومهم تتميز بمساحة لونية موحدة وبتقنية الدارة، ويتراوح الأسلوب من
المبسط إلى الطبيعي، الأشكال البشرية تكون على هيئة قرص أو دائرة و نادرا ما تظهر عليها
أعضاء الحواس أما روني ڤاردي ،فيقول : أنها تمثل
سيطرة تامة للجوانب الدينية السحرية ، رسومها أحادية اللون ومتعددة الألوان وعمر هذا
الفن غير محدود ي حين وصفها كامبس: «أنها انعكاس للأحكام المفزعة وأنها
استمرت لمدة طويلة إلا أننا لو تتبعنا تطورها يظهر لنا أنها تتجه نحو الواقعية وتتميز هذه
المرحلة بوجود الطابع الرمزي للمشاهد بشكل مختلف عن الأسلوب الواقعي في
مرحلة البقريات ومرحلة الجاموس العتيق ومن خلال استعراض هذه الآراء يمكننا القول أن هذه
المرحلة تتميز بوجود شخصيات ذات رأس مستدير مع عدم وجود ملامح الوجه بشكل عام
ويتكون هذا الفن من عدة أساليب،« قد تصل الى 20 أسلوبا الأقدم منها يمثل شخصيات أحادية
اللون لا يزيد علوها عن 10سنتيمتر، ولاحقا بعض الصور يصل ارتفاعها إلى 5او6 أمتار
مطلية باللون الأبيض ومحاطة بالخط البنفسجي والبني .
ولا يعرف على وجه الدقة بداية للرؤوس المستديرة ولا حتى المكان الأصلي لها وفيما إذا
ظهر هذا الفن في التاسيلي وتطور فيها، أم ظهر في مناطق أخرى وانتقل إلى التاسيلي، فتواجد
هذا الفن في منطقة الأكاكوس لا جدال فيه، وقد أعطت تلك الأماكن زمنا أقدم من
الطاسيلي تبعا للتزمين الذي إتبعه موري وهو محل نقد من طرف هنري لوت.
من خلال ملاحظاتي لمشاهد الرؤوس المستديرة فإن هذه المرحلة تتميز بـ
وجود صور إنسانية غالبة مع قلة تواجد لصور الحيوانات ،وهو ما نجد عكسه سواء في
مرحلة الجاموس العتيق أو مرحلة البقريات أشخاص يضعون أقنعة، وأقنعة أخرى مرسومة
بشكل منفرد، أما الأشكال فهي مرسومة
بأحجام متنوعة وأحيانا أكثر من الطبيعي
التشكيلة الحيوانية محدودة بالأروية والظبي مع تواجد قليل لأفراس النهر ،وحيد القرن
والزرافات وأقل منها للفيلة والحيوانات الأخرى وجود كبير للأقنعة برؤوس فصيلة الكلبيات
خصوصا في وادي جرات
انعدام ملامح الوجه في معظم الصور، واقتصار بعضها على أشكال هندسية في دائرة الرأس أما
المشاهد التي تظهر فيها ملامح الوجه فقد تمثل شخصيات بوجه أبيض
بينما تظهر أغلب المشاهد الوجه الزنجي – الألوان المستعملة هي اللون الأبيض واللون الأحمر
ثم اللون الأصفر وأقل منه بالنسبة لبقية الألوان البنفسجي، البني، الرمادي ونادرا اللون
الأخضر الذي نجده خصوصا في جبارين
– وجود مساحة ظليه في الداخل بلون مختلف عن لون الجوانب المحيطة بالجسم، وكأنهم
يقومون برسم الحدود الخارجية للجسم أولا بلون، ثم يقومون بتلوين الأجسام الداخلية بلون
مختلف وهي ما نطلق عليه تقنية الدارة.
– تضع الشخصيات الإنسانية قطعة قماش تشبه التنورة أو غطاء للعورة للنساء
والرجال أما البدن فهو عاري .
– يوضح نوع الجنس بالنسبة للنساء بواسطة أثداء مخروطية الشكل توضع أحيانا إحداهما
فوق الأخرى.
– عدم وجود مشاهد الحروب والقتال في هذا الفن وهو يدل على التواجد السلمي في المنطقة
، وحتى إن اعتبرنا بعض المشاهد التي تمثل معركة أو شجار ضمن هذا المرحلة فمشاهد
القتلى والجرحى منعدمة أما السلاح فيقتصر على العصا والقوس والعصا المعقوفة البوميرانغ
.
– الزينات الجسدية كثيرة وهي تغطى أجزاء من الجسم كاليدين والصدر والبطن وقد تغطي
الجسم كله ،كما نذكر وجود الأساور والزينات الجسدية والأشرطة والحزام في الوسط وفي
الذراع وعند المرفق والركبة ،والزوائد المتدلية على الذراعين والساقين، ووجود قرون
وريشات فوق الرأس في بعض الأساليب
العديد من المشاهد إذ لم نقل كلها موجودة في مناطق جبلية صعبة المسالك، كما توجد
مشاهد مختبئة في أماكن مظلمة من الكهوف و كأن هؤلاء اختاروا- المناطق الجبلية كأماكن
لمعابدهم و لإجراء طقوسهم و مراسيمهم الاحتفالية.
تتكون مرحلة الرؤوس المستديرة من عدة أساليب وقد عرفت تقسيمات فرعية متنوعة
تختلف من باحث لآخر. ويقسمها هنري لوت إلى
المرحلة القديمة تمثل أشخاص صغار الحجم بلون المغرة البنفسجي الداكن
الجسم مبسط وأطراف شبه خطية، الرؤوس عارية وأحيانا تعلوها زوائد في شكل قرون أو
ريش، الحيوانات في هذه المرحلة قليلة وتقتصر على الأروية أو الفيل.
المرحلة المتطورة تضم رسوم متعددة الألوان يتميز الأشخاص فيها بحجم
أكبر وبأطراف مفتولة مع غياب للرقبة، وانتشار لتقنية الدارة بالمغرة
الصفراء يدخل ضمن هذه المرحلة أسلوب المريخيين وكل الشخصيات الكبيرة التي
تكون في وضعية مركزية بالنسبة للشخصيات الأخرى وتظهر في
هذه المرحلة الزينات البدنية والزخارف المتنوعة داخل دائرة الرأس إلى جانب الأساور
والأحزمة والريش على الكتف والرأس، يزداد عدد الحيوانات المصورة إلى الفيلة
والكركدن والظبي والأروية.
مرحلة الانحطاط
تتميز بأشكال خشنة وهيئات بدون تفاصيل وضخامة الأشكال وتعدد الألوان، تستعمل في هذه
المرحلة الدارة الحمراء وأحيانا مزدوجة بالأحمر والأصفر مع مساحة داخلية بيضاء تضم
الأسلوب المريخي المتأخر ذو تقنية الدارة الصفراء والمساحة الداخلية البيضاء.
وكذلك المشاهد المشابهة "للسيدة البيضاء" في أونراحت تتنوع الحيوانات إلى الفيل
والزرافة والبقر والظبي والأروية والضبع والأسد والنعامة إلى جانب الشخصيات المقنعة
وأشكال أخرى هذا عن هنري لوت أما فابريزيو موري فيقسم مرحلة الرؤوس
المستديرة إلى رسومات أحادية اللون ومتعددة الألوان والمرحلة تضم رسوما ونقوش
، وهو ما يعارضه هنري لوت الذي يعتبر أن الرؤوس المستديرة تضم الرسوم فقط.
وتقسمها مليكة حشيد إلى مجموعات وهي
مجموعة الآلهة الكبرىوهي قديمة
مجموعة المسارين
وهم أشخاص مقنعين بمساحة لونية سوداء محاطة
بجوانب بيضاء أو حمراء، تظهر ألوان أخرى كالأزرق والأخضر التي توجد في الأشكال
المتطورة، ومنها «السيدة البيضاء" و"محاربو الإغريق" بصفار و"السيدة السوداء.
مجموعة الشياطين والشخصيات الصغيرة الأخرى.
أما بالنسبة للأساليب فنذكر أولا أسلوب الشخصيات الصغيرة الذي يمثل حسب هنري
لوت المرحلة الأقدم في الفن الصخري، يتميز بوجود شخصيات صغيرة ذات جسم بسيط و
رأس مستدير وأطراف شبه خطية، أعلى الرأس يكون عاريا و لكن قد نجد قرونا أو ريشا
، اللباس يقتصر على قطعة قماش تستر العورة عادة نجد هذه الشخصيات مجتمعة
في اثنين أو ثلاثة أما الأسلحة فهي مقتصرة عن العصا و القوس ،تتراوح الألوان ما بين
الأصفر والأحمر والبنفسجي، قسم من هذه الشخصيات يسميها هنري لوت باسم
الشياطين تميز بالمغرة الصفراء المحاطة بالمغرة الحمراء الأسلوب يتطور
إلى المغرة الصفراء المحاطة بالمغرة البنفسجية حيث يتحسن الأسلوب لتصبح الشخصيات
أكثر حركية فهي تظهر في مناظر طقوسية يقوم الأفراد فيها برقصات من خلال انحناء
الجسم ووضعية الأيدي .
أما أسلوب المريخيين فيتميز بحجم كبير و أطراف سميكة مع غياب للرقبة ، كما يتميز
بتعدد الألوان، ولا حدود بين الأطراف حيث تنعدم المفاصل أما النساء فهن يظهرون بأثداء
صغيرة مخروطية الشكل و أشكالهم تبدو ساكنة وهي بمساحات لونية بيضاء وجوانب
حمراء أو صفراء ، لكن توضح اليدين و الرجلين بصفة منحرفة إلى جانب وجود الأساور
مثل مجموعات صفار و جابارين و هي مجموعات قديمة و رؤوس هذه
الشخصيات تحمل أقنعة تشبه خوذات الغطاسين أو رواد الفضاء، لهذا السبب سماهم هنري
لوت باسم المريخيين.
أما بالنسبة لأسلوب الآلهة الكبرى الذي يتواجد في صفار فيتميز برأس مستدير مع انعدام
الرقبة، كما توجد ذيول على الذراعين وعلى الركبة ويعد مشهد" الإله الكبير" في صفار
مشهد نموذجيا لأسلوب الآلهة الكبرى، لا وجود لأية ملامح للوجه، والعضلات بارزة مع
وجود القرون ونوع من الخيوط في الذراع، بالنسبة للحيوانات فان الاروية هي الغالبة
على معظم المشاهد، وما يميز هذا الأسلوب عن أسلوب المريخيين هو وجود فراغ في
الرأس وعدم وجود العينين أو زخارف داخل الوجه مثلها نجد لدى الإله المريخي
، ضافة إلى ما سبق يمكن ملاحظة ووجود رموز تمثل دوائر مركزية صغيرة
متسلسلة ورموز أخرى في المشاهد وهو ما لا نجده في أسلوب المريخيين.
كما تبرز في مرحلة الرؤوس المستديرة شخصيات أنثوية تمثل آلهة عظمى يتميزن
بالزينات البدنية في شكل نقاط متقطعة، مع قرون طويلة في بعض الأحيان، الأثداء طويلة
مخروطية الشكل وبها تزيين هي الأخرى، زوائد متمثلة في خيوط متدلية على الذراع مع
أساور كثيرة على اليدين معظم الشخصيات الأنثوية نجدها بهذا الأسلوب ومتماثلة خصوصا
من حيث الزينات الجسدية.
بن بو زيد لخضر
أستاذ بجامعة محمد خيضر بسكرة
الطاسيلي آزجر في ما قبل التاريخ
معتقدات والفن الصخري