شبح التضخم الأمريكي يثير مخاوف الأسواق من جديد

أظهرت بيانات التضخم الأمريكي لشهر يناير ارتفاعاً مقلقاً في مؤشر أسعار المستهلك، وتظهر التحليلات أنه كان هناك ارتفاع شامل في الأسعار عبر مختلف القطاعات. وعلى الرغم من تحسن تضخم تكاليف السكن مقارنة بالأشهر الستة الماضية.

إلا أنه لا يزال يدفع التضخم العام لتجاوز المستوى المستهدف للاحتياطي الفيدرالي (2 %). ولا تقتصر المشكلة على طريقة حساب الإيجار المفترض، بل إن الإيجارات الفعلية شهدت ارتفاعاً خلال الشهرين الماضيين.

وشهدت بعض السلع والخدمات ذات الأسعار المتقلبة، مثل السيارات المستعملة، وتذاكر الطيران، وتأمين السيارات، زيادات حادة في الأسعار، رغم أن السيارات المستعملة تمثل 2 % فقط من المؤشر العام، ومع ذلك فإن تأثير هذه الزيادات كان واضحاً في دفع التضخم إلى مستويات أعلى.

وبينما قد يبدو من المنطقي تجاهل هذه الارتفاعات باعتبارها مؤقتة، إلا أن الخبراء يحذرون من هذا التوجه، فقد غرد البروفيسور جيسون فورمان من جامعة هارفارد قائلاً:

اخر المقالات
1 من 12

إن ما نراه الآن استثنائي حتى عند مقارنته بالفترة الطويلة من 1992 إلى 2019، فبينما تبدو الأشهر «الجيدة» عادية من حيث معدلات التضخم، تأتي الأشهر «السيئة» بأرقام مقلقة للغاية.

ويشير المحللون إلى ظاهرة تُعرف باسم «تأثير يناير»، حيث يصعب على المؤشر التعامل مع الزيادات السعرية التي تحدث تقليدياً في بداية كل عام. ويؤكد بوب ميشيل، الخبير في «جي بي مورغان» لإدارة الأصول، أن معدلات التضخم في يناير عادة ما تفوق التوقعات.

وقد حدث ذلك في 14 سنة من آخر 15 سنة. ومع ذلك لا يمكن للاحتياطي الفيدرالي أو المحللين تجاهل هذه الأرقام لمجرد أنها تأتي في يناير. والخيار الوحيد المتاح حالياً هو انتظار بيانات الأشهر المقبلة لمعرفة ما إذا كان هذا الارتفاع مؤقتاً أم سيستمر.

وتشير البيانات الاقتصادية إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يختار الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية المرتفعة، بل ربما لا يقوم بأي تخفيضات خلال العام الجاري، لكن المثير للاهتمام هو رد فعل الأسواق المالية على هذه الأنباء، الذي جاء أقل حدة مما كان متوقعاً.

فقد سجلت أسواق الأسهم تراجعاً طفيفاً فقط، كما شهد منحنى العائد (وهو مؤشر يقيس الفرق بين عوائد السندات قصيرة وطويلة الأجل) ارتفاعاً بسيطاً.

حيث تحركت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 و30 سنة بشكل أكبر من السندات لأجل سنتين، وهذا يخالف التوقعات التي كانت تشير إلى أن استمرار سياسة الفيدرالي المتشددة سيؤدي إلى ارتفاع العوائد قصيرة الأجل وانخفاض توقعات النمو على المدى الطويل.

ويمكن فهم رد الفعل المعتدل لسوق الأسهم عندما نضع في اعتبارنا أن الاقتصاد الأمريكي يتعايش مع معدلات فائدة مرتفعة منذ أكثر من عامين، ومع ذلك استمرت الشركات في تحقيق نمو جيد في أرباحها. ويبدو أن تأثير سياسات الفيدرالي يقتصر على قطاعات محددة من الاقتصاد المؤسسي الحديث، وهو ما ظهر جلياً في التراجع الذي شهدته أسهم شركات بناء المنازل والشركات العاملة في قطاع الإنشاءات.

ويقدم جيم كارون، المحلل في بنك «مورغان ستانلي»، تفسيراً منطقياً لانحدار منحنى العائد، موضحاً أنه رغم أن تقرير التضخم الأخير يشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة لفترة أطول، إلا أن احتمال قيامه برفع إضافي لهذه الأسعار يبدو ضعيفاً.

تعليقات
تحميل البيانات ....

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق إقرأ أكثر