عبد الرؤوف زواوي :” رواية وهم الحقيقة هي اكتشاف الذات من جديد”
استضافت جريدة الطاسيلي نيوز الكاتب الروائي عبد الرؤوف زواوي والذي حل بمدينة جانت في إطار زيارة سياحية لاستكشاف جمال الطبيعة الصحراوية والتعمق في شخصية وتفاصيل الرجل التارقي بمنطقة جانت.
- سمية فوندو
الروائي عبد الرؤوف زواوي و مضمون رواية وهم الحقيقة :
فضل الكاتب عبد الرؤوف زواوي صاحب رواية وهم الحقيقة أن يعرف نفسه بلقب الباحث عن الحقيقة , وهو الكاتب البالغ من العمر 30 ربيعا والمنحدر من ولاية عنابة ، نشأ في بيئة دينية محافظة بين المسجد والقرآن وحفظه , مع اطلاع دائم على الكتب الدينية والتاريخية منذ صغره .
إلى غاية فترة المراهقة التي قد يفقد الفرد فيها بعض اتزانه ورزانته كما قال ،فيلجأ بعد ذلك على البحث عن ذاته و محاولة التعرف عليها من جديد وهو أصعب الأمور ،كما وصفه الكاتب عبد الرؤوف.
فاكتشاف الذات عند الكاتب عبد الرؤوف زواوي له جانبين مختلفين ، فاكتشافها يسهل لدى الشخص عندما يقتنع بأنه يحمل رسالة بينما يصعب عليه ذلك في حالة نكرانه لذاته , كون اكتشاف الذات من أهم الأوليات في حياة الفرد , وهذا ما أثبته سلم ماسلو لترتيب الأولويات . ومع تحقيق اكتشاف الذات يسهل على المرء إيصال رسالته وكذا إبداعه في مجال معين و طرح مواضيع مختلفة في شتى المجالات .
ويضيف الكاتب عبد الرؤوف بأن تدرجه من دراسة الدين إلى علم النفس وعلم الاجتماع إلى علم الفلسفة هو ما جعله يرى الحقيقة بوجه آخر وأنها ليست زيف أو خيال لكنها شاملة ، وحتى نظرة الواقع تصبح نظرة جد مختلفة عن السابق ليتحول الواقع هو الآخر إلى سؤال ، وهذه هي المرحلة الأصعب – حسبما قال الكاتب – وذلك بمحاولته لطرح الأسباب والنتائج والتعمق في الأمور النفسية لمعالجة نفسية الإنسان كظاهرة الإنتحار , و العشرية السوداء والنتيجة النفسية التي خلفتها على الشعب من الجانب النفسي ، أما من الجانب الاجتماعي فإنك ترى الزاوية الأخرى، زواية المجتمع النكدي و المجتمع الكثير الشكوى نتيجة تلك الظروف المريرة التي عاش فيها.
و أكد الروائي عبد الرؤوف بأنه من خلال التساؤلات التي يلجأ الفرد لطرحها بعد إدراكه للواقع نجد تعريف جديد للحقيقة وتعريف جديد للإنسان ولأمور كثيرة ، فتصبح لدى الشخص نظرة شاملة حول كل ما يحيط به و ما بداخله .
أما الصراع الثاني الذي يدخل فيه الفرد بعد اكتشاف ذاته فهو صراع البحث عن المعنى و الذي يعتبره الكاتب عبد الرؤوف بأنه صناعة الأدب بأساسه ، ضاربا المثال باقتباس من رواية وهم الحقيقة الذي يقول فيه البطل : ” لماذا خلقت الشر يالله ؟ ! ” فهذا السؤال هو انطلاقة الكاتب في البحث عن المعنى بمعنى وجود الفرد في الحياة .
عبد الرؤوف وموهبة الكتابة :
الكتابة بالنسبة للكاتب عبد الرؤوف زواوي هي فطرة تكتشف ، قائلا : “بأن الشخص يكتشف موهبته حين يكتب .” كما لم يربطها بعمر معين ، فقد تكون الكتابة في عمر العاشرة أو العشرون أو الثلاثون ….الخ ، أما عن نفسه فيقول بأنه اكتشف ذاته ككاتب حين كتب 100 صفحة من رواية وهم الحقيقة وتعرض حاسوبه لعطل أتلف ملف الرواية ، حينها تحدى عبد الرؤوف ذاته بأنه إذا أعاد كتابة الرواية من جديد فعندها يستطيع أن يطلق على نفسه إسم الكاتب الحقيقي، و إن لم يقو على ذلك فلم يكن من الأساس كاتبا، ليثمر تحديه سنة 2019 بإصدار رواية وهم الحقيقة التي مست جوانب دينية ، سياسية ، فكرية ،اجتماعية .
الهدف النبيل من الكتابة حسب الروائي عبد الرؤوف :
حسب الكاتب عبد الرؤوف فإن كتابة الرواية أو مفهوم الرواية هي صناعة ثقافة ، فبالنسبة له الروائي أو الكاتب هو الذي يصنع الصحفي و هو الذي يصنع الاقتصادي و السياسي…الخ و أساسيات المجتمع. موضحا بأنه هذا هو مفهوم الأدب في العصور أما في عصر الحداثة أصبح هناك مفهوم آخر للأدب و هو أن الأديب لا يستطيع أن يكون متنفسا عن الواقع ، يليه عصر ما بعد الحداثة و هو عصر المادة و المال و غياب المعنى .
مؤكدا بأن مهمة الكاتب تتمحور حول الكتابة عن الأمور التي توشك على الاندثار ، للمحافظة عليها للأجيال القادمة
أقرب الداعمون للروائي عبد الرؤوف زواوي:
أقرب وأكثر داعم بالنسبة للكاتب عبد الرؤوف هي الأم و بعدها الأب وكما قال :”حين يجد الإنسان نفسه يواجه صعوبات يلجأ مباشرة للوالدين .”
وبحكم أن والديه كانا فنانين فقد غرسا في نفسه بذرة الإبداع منذ الصغر فوالدته كانت خياطة ، ووالده كان خطاطا ، وأشار عبد الرؤوف بأنه قوبل برفض قاطع من والده حين ابدى رغبته في نشر روايته الأولى ، خوفا من الانشغال عن عمله ، لكن وبعد وصول نسخ الرواية أخذ نسخة منها و أضحى يفتخر بها أمام من يعرف ومن لا يعرف افتخارا بصنيع ابنه وانجازه ، ورغم أن فرحة الوالد جاءت متأخرة إلا أن طعمها كان فريدا من نوعه كما عبر عنها الكاتب عبد الرؤوف. ومؤكدا بأن كل الصعوبات التي استطاع تجاوزها كان بفضل الله أولا ثم بفضل والديه .
الأعمال القادمة للروائي عبد الرؤوف زواوي :
كشف الروائي عبد الرؤوف عن عمله الثاني الذي يتمحور حول كتابة التاريخ من جانب الفن وليس من جانب التأريخ ، فالرواية الثانية كما قال تميل للجانب الفني النفسي بمعنى : ما علاقتنا بالفن وما علاقة الفن بالبشر ؟ هذا هو السؤال الجوهري للرواية الثانية والذي أجاب عنه إلى حد الآن في حوالي 200 صفحة ،مؤكدا بأن زيارة مدينة جانت هي سبب لإكمال روايته الثانية ، فالسفر كما قال عبد الرؤوف يخطو بالكاتب عشر روايات و يجعلك تعيش كل التفاصيل لحظة لحظة , لتوصل الفكرة بإحساس صادق .
كما شكر الكاتب عبد الرؤوف المرشد السياحي السيد الطاهر طواهرية الذي استضافهم ورافقهم طيلة رحلتهم وتواجدهم بجانت , و عرفهم على معنى التارقي الحقيقي. مؤكدا بأن شخصية العم الطاهر ستكون شخصية في كتاباته أو مقال من مقالاته ، فالعم الطاهر حسبما وصفه الكاتب عبد الرؤوف زواوي بأنه ورغم صعوبات الحياة الظاهرة على ملامحه ، إلا أن ذلك الطفل الصغير الذي بداخله لا يزال يعيش ، الطفل الذي يحمل البراءة ، الجود ، الكرم ويحمل كل الفضائل والصفات الحسنة.
وفي آخر اللقاء أبدى الكاتب عبد الرؤوف إعجابه الشديد بجمال مدينة جانت من حيث طبيعتها وثقافتها وحضارتها مختصرا إعجابه بقوله : ” جانت الجنة وخلاص .”
- Design