منطقة الساحل : باريس ترغب في دعم أمريكي أكبر وسط تصاعد المطالب الداعية الى خروج القوات الفرنسية من مالي
تأمل فرنسا أن تعزز الإدارة الامريكية الجديدة بقيادة جو بايدن دعمها للعمليات العسكرية التي تشنها ضد الجماعات الارهابية في مالي, وسط تنامي الرفض للتواجد العسكري الفرنسي في هذا البلد الافريقي و دعوات
لخروج تلك القوات من الاراضي المالية بعد انحرافاتها المتكررة التي كثيرا ما ذهب ضحيتها مدنيون ماليون.
ودفع تكرارا التجاوزات و انحرافات القوات الفرنسية في مالي المنضوية تحت لواء “عملية برخان” منذ عام 2014 و تصاعد المطالب الداعية الى خروج هذه القوات من الاراضي المالية و فتح تحقيق حوال تلك الانحرافات, بمجلس الشيوخ الفرنسي الى برمجة نقاش عام في 9 فبراير المقبل لتقييم حصيلة عمل هذه القوات في وقت تعتزم
فيه باريس إعادة النظر في انتشار عدد جنودها بالمنطقة.
ولعل أحدث تلك التجاوزات الغارة الجوية التي نفذتها القوات الفرنسية في الثالث من يناير الجاري, على قرية “باونتي” بمدينة “دوينتزا” في وسط مالي مستهدفة حفل زفاف ما أدى الى سقوط ما لا يقل عن 20 قتيلا مدنيا ما دفع بأحزاب سياسية ومنظمات ناشطة في المجتمع المدني الى الدعوة لتظاهرة حاشدة كانت مقررة يوم 21 يناير الجاري في العاصمة باماكو ضد الحضور العسكري الفرنسي في البلاد, الا أن السلطات المالية منعتها بسبب قيود جراء تفشي /كوفيد-19/.
ووسط تزايد الضغوطات على باريس بشأن مسألة تواجدها العسكري في منطقة الساحل الافريقي, أوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والقوات المسلحة بمجلس الشيوخ الفرنسي كريستيان كامبون, أن المجلس سيعقد “جلسة عمل للنظر في حصيلة عمل قوة برخان”.
من جهتها ستناقش قمة دول الساحل الافريقي الخمس (موريتانيا ومالي و بوركينا فاسو و النيجر و تشاد) المقرر عقدها في فبراير المقبل في نجامينا بمشاركة فرنسا مسألة تقليص القوات المنتشرة في الساحل الافريقي بهدف “محاربة الجماعات الارهابية” في المنطقة والمقدر عددها ب 5100 عسكري.
وأمام تزايد الضغوطات التي فرضها تواجد القوات الفرنسية في الساحل لجأت الحكومة الفرنسية الى البحث عن مزيد من الدعم الامريكي, بعدما كادت باريس أن تفقد هذا الدعم في الساحة المالية على اثر تحذير أطلقه الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب مطلع عام 2020 المنصرم هدد فيه باحتمال تقليص دعم واشنطن لعملية “برخان” الفرنسية.
ولم ينفذ الرئيس الامريكي المغارد تلك التهديدات, الامر الذي شجع باريس على التعبير عن أملها في أن تبقي الادارة الامريكية الجديدة على دعمها في الساحل بل و تعزز هذا الدعم بشكل أكبر.
واغتنمت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي حفل تنصيب الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن يوم 20 يناير الجاري لتعبر عن رغبة باريس في استمرار الدعم الامريكي لها في الساحل حيث قالت في تصريح في اليوم نفسه ” نتمنى مع مجيئ الادارة الامريكية الجديد أن نحصل على تطمينات بأن يتم تمديد هذا الدعم المقدم
من قبل الولايات المتحدة و لما لا أن يتم تعزيزه”.
و تقدم واشنطن لعملية “برخان” دعما في مجال الاستخبارات و المراقبة بواسطة طائرات بدون طيار الى جانب تزويد الطائرات الفرنسية بالوقود و النقل اللوجيستي بقيمية 45 مليون دولار سنويا.
من جهته تحدث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في 19 يناير عن ” تعديل” للقوات الفرنسية في الساحل و “تقليصها” و قال أثناء معايدته الجيوش في بريست (غرب فرنسا) : “النتائج المحققة من جانب قواتنا في الساحل، مقترنةً بالتدخل الأكبر لشركائنا الأوروبيين، ستسمح لنا بتعديل جهدنا” العسكري في المنطقة.
وتعول باريس لتخفيف وجودها العسكري كثيرا على نشر وحدات النخبة الأوروبية ضمن قوة “تاكوبا” الجديدة التي تم انشائها بمبادرة فرنسية و هي مكلفة بمواكبة الجيش المالي في حربه ضد الجماعات الارهابية.